Invite your friends
بـ قلم / آلاء الشريفى. يتم التشغيل بواسطة Blogger.
افتقاد و حنين من مدونة فجر الفؤاد بين الشرف و الترف قصر الدبلوماسي أم قاصرة  يوميات عائلات مصرية

الثلاثاء، 20 يناير 2015

مَن أكون (الفصل الثانى)

 الفصل الثانى


فى احدى بنايات مدينه نصر جلست سيده فى منتصف العقد الرابع من العمر فى احد الشُراف التى تطل على الشارع ، كاميليا توفيق او شاهيناز كما اُطلق عليها منتصف الثمينينات عندما دخلت عالم التمثيل وقامت بتغيير اسمها لتصبح النجمه شاهيناز
فى الواقع فـ إن عمر كان سعيداً بأنها قامت بتغيير اسمها لتجعل شاهيناز اسماً فنياً حتى لا يعرف احد من اصدقائه ان والدته كانت ممثله يوماً ما خاصةٍ وانها خلال سنوات عملها القليله فى التمثيل قامت باداء ادوار جريئه ولا احد يعلم ان والدته كانت ممثله سوى يسرا
كاميليا توفيق او شاهيناز ، تلك المرأه التى جمعت بين جمال المرأة الشقراء وجاذبية المرأة السمراء ، تلك المرأة التى يغار عليها ابنها وكأنها زوجته ، تلك التى اعتزلت الفن رغم انها كانت على مشارف النجوميه والبطولات المطلقه نظراً لموت بكريها فى ظروف غامضه ، دائماً حزينه ومكتأبه ولكن فى وجود عمر يتبدل حالها فـ عمر هو الانسان الوحيد القادر على اسعادها
فقدت كاميليا زوجها ورفيق عمرها ووالد ابنها منذ ست سنوات واصبحت حياتها مُقتصره على عمر فقط
جلست فى شُرفة منزلها تحتسى قدحاً من الشاى وتفكر فى امر عمر وحياته وحياتها معه وكيف ستتقبل فكرة انه يتزوج وتصبح له حياته الخاصه التى تبعده عنها ، سمعت الباب وهو يُفتح فـ عرفت انه عمر قد انهى مُقابلته مع يسرا وعاد
دخل عمر الشقة وعندما رأى ستارة الشُرفة مفتوحه عرف ان والدته بداخلها ، جاء من وراء ظهرها وقبل رأسها وجلس بجوارها

كاميليا : حمدالله على السلامه يا حبيبى
عمر : الله يسلمك
كاميليا : يسرا عامله ايه ؟
عمر : كويسه الحمد لله
كاميليا : انت مش ناوى بقى تخطبها ، انا عايزة افرح بيك 
عمر : والله يا ماما عايز بس مستنيها تعقل
- تعقل !! (قالتها كاميليا باستغراب)
عمر : ايوة ، يسرا دماغها طاقة ومش راكزة كده
كاميليا : ما يمكن لما تتخطبوا تعقل
عمر : لا يسرا مش من النوعيه دى ، ده غير انها طموحه جداً عندها احلام كتير ، انا بقي مستنيها تحقق كل اللى نفسها فيه لانى لما اتجوزها حاجات كتير هتتغير
كاميليا : مش فاهمه حاجة
عمر : انا مبتحكمش فى يسرا لانى ماليش الحق فى ده ، لا انا جوزها ولا حتى خطيبها ، مبحسبهاش على لبسها ولا خروجها ولا شغلها بس لو اتخطبنا كل ده هيتغير ، مستنيها بقى لما تبقى قادرة تتقبل التغيير ده
كاميليا : دماغك غريبه يا عمر
عمر : ما علينا ، خالتى
كاميليا : مالها ؟
عمر : نظراتها مش مريحانى بصراحه ، هى شاذه ولا ايه ؟
عقدت كاميليا حاجبيها نظراً لاستغرابها : شاذة !!
عمر : مش قصدى شاذه بالمعنى اللى فهمتيه ، بس نظراتها مش نظرات واحدة لـ ابن اختها
كاميليا : امال ؟
عمر : نظرات واحده معجبه بواحد
كاميليا : اكيد بيتهيألك
عمر : جايز ، هقوم اغير هدومى
كاميليا : ماشى يا حبيبى
                                   **__**__**
فى المساء فى منزل أسعد الرواى كان الباب يطرق بقوة ادت الى استغراب الحاضرين ، خرجت يسرا من غرفتها وظلت واقفه امامها اما اسعد الرواي وزوجته زينب المنصورى شعرا بقلق نظراً لشدة الطرقات ، ذهبت الخادمه لـتفتح الباب واذ بها تجد فهد قاسم الراوى ، حفيدهما الثانى من بكريهما قاسم الراوى
فهد ، ذلك الشاب طويل القامة المتميز بوسامته حيث انه يمتلك عينين خضراوتين لم يعرف حتى الان اصلهما لانه الوحيد فى العائلة الذى يمتلك هذا اللون ، يمتلك بشرة بيضاء اللون طغى عليها الاسمرار بسبب الشمس ، يبلغ فهد الثانى والعشرين من عمره ، كان يدرس فى احدى الكليات العسكرية ولكنه فُصل منها
يمتلك فهد شخصية انطوائية ، تقوقع على نفسه منذ مراهقته ولكنه مع اصدقائه ليس كذلك بل يصبح شخصاً مرحاً ، اجتماعياً وهو على عكس اخيه الاصغر مهند الذى كان مغرم بالفتيات حيث ان فهد لم يكن كذلك ولم يكن له سوى حبيبة واحده عشقها حد الجنون
دخل فهد بسرعه وارتمى فى احضان جدته التى بكت عندما رأته فقد كان فهد فى حالةٍ يرثى لها ، كان فقد جزءاً كبيراً من وسامته ونضارة وجهه التى يتميز بها حيث التفت حول عينيه الخضرواتين الهالات السوداء واتنفخت عينيه واصفر وجهه وتشققت شفتيه اليابسة
امرت جدته الخادمه باعداد وجبة طعام لحفيدها قائلةٍ لها ( اسلقيله فرخه وهاتيله معاها شربتها عشان يتقوى ويرم عضمه) ،اما يسرا فجرت نحو اخيها ورتبت على كتفيه اثناء وجوده بين احضان جدته

يسرا : انت ازاى جيت من اسكندرية ، انت خرجت ؟
ينظر اليها فهد والدموع تملأ عينيه الخضراوتين المنتفختين : لا انا هربت
جلست يسرا على مقعد مجاور لمقعد جدتها : هربت !! انت اتجننت يا فهد 
زينب : هربت !! ليه بس كده يا ابنى
أسعد : دلوقتى ابوك قالب عليك اسكندرية وزمان امك قلقانه عليك
يسرا : فهد انت جبت فلوس منين
زينب : هو ده اللى همك !! جاب فلوس منين ، كلمى ابوكى طمنيه

يقبل فهد يد جدته والدموع تنهمر من عينيه ويردد لها جملة واحدة "ابوس ايد يا تيته متكلمهوش لو عرف ممكن يقتلنى"
أسعد : ولو معرفش مكانك ممكن يحصله حاجة 
يسرا : جدو بيتكلم صح يا فهد ، بابا اكيد عرف انك هربت ، خلينا نطمنهم
فهد : كلمى ماما طمنيها بس بابا لا ، ابوس ايديكوا بابا لا
زينب : قوم يا حبيبى خد دش وكُلك لقمة ومحدش هيكلم ابوك متخافش

اخذت زينب فهد لغرفة مخصصة له وساعدته على التخلص من ملابسه حتى يستطيع اخذ دش ، بعد ان انهى فهد الدش الخاص به وارتدى ملابسه ، ساعدته جدته على تناول وجبة العشاء ومن ثم ذهب فهد فى نوم عميق جداً كأنه لم يغمض جفنه ولم يذق طعم النوم منذ سنوات
ذهبت زينب الى يسرا وآسعد بالخارج ، جلست على اريكة الصالون وكانت يسرا على يسارها وكان اسعد جالساً على المقعد الذى على يمينها

زينب : الواد جسمه متلج مرعوب يا عيني من ابوه ، وراح فى النوم بدون اى مقدمات ، ده كأنه بقاله عشرين سنه مغمضتلوش عين
يسرا : بس بابا وماما لازم يعرفوا ، دول زمانهم هيموتوا من القلق عليه
أسعد : قومى كلمى ابوكى طمنيه وقوليله ميجيش القاهره دلوقتى ويسيب فهد عندنا يريح اعصابه
زينب : صح ، وبكده ميكونش فهد خايف وميكونش ابوكى وامك قلقانين
يسرا : حاضر

وتركتهم يسرا وذهبت الى غرفتها حتى تتصل بوالدها وتخبره بوجود فهد وتطمأنه
                                   **__**__**
عاد قاسم الراوى وابنه مهند الى المنزل بعدما فقدوا الامل ان يجدوا ابنهما فهد حيث انهما قاما بسؤال اصدقائه ومعارفه والاقارب الاقليه المتواجدون بالاسكندرية ولكن لم يجدوا له طريق 
لم يكن يعرف قاسم ماذا سيقول الى نادية فهو يعلم ان قلبها اشتعل من شدة الخوف على ابنها وايضاً يعلم ماذا سوف تفعل به وتقول له ، فهو متيقن تماماً انه سيسمع اشد واقسى كلمات العتاب
فتح قاسم باب المنزل ومن خلفه مهند ، جرت نادية نحوهما ولكن دون ان يتكلما او تسألهما عن فهد فهى عرفت الاجابة من تعابير وجههم الحزينه ، انهمرت الدموع اكثر من عينيها ووجهت حديثها الى قاسم بنبرة يملؤها العتاب

نادية : فهد فين يا قاااسم ، وديت ابنى فين
مهند : فى ايه يا ماما ؟
نادية : ابوك هو السبب ، هو اللى وصل فهد لكل اللى هو فيه
قاسم : لا مش انا ، دى اخرة تربيتك ودلعك فيه
- يوووه بقي مش هنخلص من الحوار بتاع كل يوم ده (قالها مهند بزفرة ضيق)

رن جرس هاتف المنزل وجرت ناديه نحوه بسرعه شديدة وكان المتصل يسرا ، عندما سمعت نادية صوت ابنتها زاد انهيارها  

نادية : الحقينا يا يسرا ، فهد راح منى
يسرا : اهدى يا ماما اهدى فهد بخير
نادية (وبدأت تهدأ وتمسح دموعها) : انتِ بتتكلمى جد
يسرا : اه والله متقلقيش فهد معانا هنا 
نادية : هنا فين ؟
يسرا : فهد جه هنا بيت جدو يا ماما ومتقلقيش والله هو كويس بس نام
نادية : الحمد لله ، احمدك يارب
يسرا : بصى يا ماما ، فهد ميت من الرعب ، خايف من بابا وقالنا منقلهوش انه هنا فانا قولت اطمنكوا بس قولى لـ بابا ان جدو بيقوله ميجيش القاهره ويسيب فهد لحد ما يبقي كويس
نادية : حاضر بس يا يسرا طمنينى عليه اول بأول وخدى بالك من اخوكى يا حبيبتى
يسرا : حاضر يا ماما

اغلقت نادية الهاتف مع يسرا وظلت تحمد ربها الذى طمأنها على ابنها اما قاسم فكان يتابع حديث نادية مع يسرا باهتمام وعندما اغلقا الهاتف تحدث الى زوجته

قاسم : نادية ، هى يسرا عارفه فهد فين ؟
نادية : فهد راح بيت ابوك فى مصر
- ازاى يعمل كده !! ازاى يروح من غير ما يقولنا !! جاب فلوس منين عشان ينزل القاهره (قالها قاسم بنبره يملؤها الغضب)
نادية : هو ده المهم عندك !! مش المهم انه بخير
مهند : فعلاً الحمد لله انه كويس ، دى اهم حاجة (واتجه الى غرفته المشتركه مع اخاه )
قاسم : انا هنزل القاهره اجيبه من افاه الواطى ده
نادية : ابوس ايدك يا قاسم سيب الواد يقعد عند جده وجدته يريح اعصابه

حاول قاسم ان يهدأ وان يقنع نفسه بأن فهد يجب ان يسترخى فى منزل جده وذلك حتى لا تغضب زوجته فهو يتمنى ان تنقله معجزة الهيه الى القاهره فى اسرع وقت حتى ينتقم مما فعله فهد حيث ان العلاقة بين قاسم وفهد دائماً متوتره ودائماً بينهم اختلاف فى كل شئ اما فهد هو الفتى المُدلل لـ والدته
                                   **__**__**
جلس عمر فى شرفة غرفته يحتسى قدحاً من النسكافية ويتحدث الى حبيبته فى الهاتف ، كان عمر مازال منبهراً بما فعلته يسرا ولذلك فكر جدياً فيما قالته له والدته وهو الارتباط الرسمى بـ يسرا وقرر ان يعرض الامر على يسرا

عمر : انتِ ايه رأيك بقى ؟
يسرا : غريبه يعني ؟
عمر : مش فاهم 
يسرا : اصل انا فاكرة انك قولتلى انى مش هخطبك رسمي الا لما تحققى اكبر جزء من احلامك عشان جوازنا ميعطلنيش
عمر : انا قولت اخطبك مش اتجوزك
يسرا : مانا قولتلك ان قوانين الجواز عندنا ان فترة الخطوبة متزيدش على ست شهور
عمر : مش عارف ليه ساعات كتير بحس انك مش عيزانا نتجوز
يسرا : لا والله ابداً ، انت بس اللى دايماً بتوصلى ان بمجرد ارتباطنا الرسمى هتغير كل حاجة فى حياتى فعشان كده مش مستعجله
عمر : بس انا عايز اتجوز واستقر
يسرا : خلاص يا حبيبي تعالى اتقدملى انا معنديش ادنى مشكلة
عمر : هتسيبي القسم السياسى فى الجرنال
يسرا : انا فعلاً عايزة اسيبه
عمر : هتروحى انهى قسم !! اجتماعى ولا فنى
يسرا : لا اجتماعى ولا فنى ، هروح قسم الحوادث
عمر : نعم !!
يسرا : ايه !! فيها ايه
عمر : يسرا ، المفروض تروحى حاجة سهله مفهاش مخاطر ولا صعوبة ومتخلكيش تتأخرى بره البيت
يسرا : طيب ماقعد فى البيت احسن ؟
عمر : ياريت 
يسرا : انا بقول نأجل خطوة الارتباط الرسمى دى لان واضح اننا هنختلف كتير
احسن  (قالها عمر بزفرة ضيق)
يسرا : هشتغل شوية على المقال بتاعى انت هتعمل ايه ؟
عمر : ولا حاجة ، هكمل وقفة فى البلكونه
يسرا : هخلص واكلمك

اغلق عمر الهاتف مع يسرا وهو مستاءاً جداً منها ، فـ على الرغم من ان عمر يعرف ان يسرا شخصيه قوية ، عنيدة ، مشاكسة ، لا ترضخ لـ اوامر احد الا انه توقع انها سوف تفعل المستحيل من اجله حتى لو كان عملها الذى تعشقه 
وقف عمر قريباً من حائط الشرفة حتى يستطيع ان يرى الشارع بالاسفل ، بدأ يكمل كوب النسكافيه الخاص به واوقف عقله عن التفكير وظل يتابع الشارع ولكن لفت انتباهه صوت جاء من الخارج وعرف انه صوت خالته التى تعيش معهما فى نفس البناية ، جرى عمر نحو باب غرفته واغلقها بالمفتاح واطفأ انوار الغرفه حتى لا يخرج لـ خالته لانه يرتاب كثيراً من نظراتها له وكلماتها الغامضة التى توجهها له

مى الاخت الصغرى من الاب لـ كاميليا توفيق والتى يقترب عمرها من عمر ابنها عمر ، حيث كانت مى تكبر عمر بـ اربع اعوام فقط فـ بعد وفاة والدة كاميليا تزوج والدها وانجب مى واتخذتها كاميليا ابنةٍ لها بعد وفاة والدها وقامت بتربيتها مع ولدها عمر حيث ان والدة مى كانت صغيره فى السن وتزوجت مرة اخرى
جلست مى مع اختها فى غرفة المعيشه ، جلسا على كنبة وكان امامهما منضدة وُضع عليها انواعاً مختلفه من المكسرات وزجاجه عصير وزجاجة مياة وبعض الاكواب حيث ان هذه طقوس سهرة كاميليا ومى ، كان يوجد تلفاز مُعلق على الحائط يُعرض عليه احد الافلام الاجنبيه وقامت كاميليا بـ كتم صوت التلفاز حتى تستطيع ان تسمع مى

كاميليا : ومقولتلهوش يقابل اخوكى كمال ليه ؟
مى : بس انا مش عيزاه
كاميليا : انتِ هتفضلى ترفضى لحد امتى !! انتِ بقي عندك تلاتين سنه
مى : هفضل ارفض لحد ما الاقى اللى على مزاجى
كاميليا : مى انتِ بتحبى ؟
مى : يعنى انتِ مش عارفه ؟
كاميليا (واخذت رشفه من العصير) : مش عارفه ايه ؟
مى : انى بحب
كاميليا : مى ، متستنيش سراب اللى بيحبك يجى يتقدملك ولو مش كده يا حبيبتى شوفى حالك
ان شاء الله (قالتها مى بنبرة يملؤوها اليأس والحنين وهى تنظر الى صورة عمر المعلقه امامهما على الحائط)
                                   **__**__**
فى صباح اليوم التالى استيقظت يسرا من نومها وقبل ان تقوم بتبديل ملابسها اتجهت الى غرفة اخيها فهد ، طرقت باب الغرفة ودخلت بدون ان يسمح لها فهد
وجدت فهد يتمدد على سرير يتواجد اقصى يمين الغرفه من ناحيه الباب ويوجد بجاوره اقصى اليسار سرير اخر وبينهما مكتب للدراسه وامامهما تواجد خزانة ملابس
كان فهد لا يفعل شئ سوى النظر الى الاعلى ، دخلت يسرا وجلست الى يمينه

يسرا : مش عايز تفطر ولا ايه ؟
فهد : اكيد تيته مش هتسبنى من غير فطار
يسرا : ايوة طبعاً يا عم ، اعز من الولد ولد الولد
فهد : انتِ مش هتنزلى شغلك ولا ايه ، شايفك لسه بـلبس البيت
يسرا : هنزل على الضهر
فهد : ربنا معاكى
يسرا : هربت ليه يا فهد ؟
فهد : انا عارف انك قاعدة القعدة دى عشان تعرفى السبب (ويعتدل فى جلسته) بس والنبى يا ياس بلاش تعملى شغلك ده عليا
يسرا : مش هقولك انى عايزة اطمن عليك لانك ادامى اهو وكويس الحمد لله ومش هقولك ان عندى فضول اعرف ليه عملت كده لان كل حاجة مع الوقت بتتعرف
فهد : امال عايزة تعرفى ليه ؟
يسرا : عشان اساعدك يا فهد ، عشان نلاقى حاجة نقولها لـ بابا ، مش عيزاه يتنرفز عليك ، يا فهد احنا جايز مش قريبين من بعض بالكم الكافى بس فى النهايه انت اخويا وبخاف عليك وبزعل جداً لما بتزعل انت وبابا

قام فهد من سريره بعدما ازاح الغطاء من على جسده الرياضى وقام بـفتح خزانة الملابس واخرج منها منشفه وغياراً له حيث ان بسبب اعتياد قاسم وزوجته واولاده الذهاب الى بيت أسعد الرواى والاقامة فيه من يومين الى ثلاث وربما اكثر فى المناسبات فـ تركت العائلة جزءاً كافياً من ملابسهما الداخليه والخارجيه والاحذية فى خزانات الملابس الخاصه بهما حتى لا يجبروا على حمل حقائب كثيرة من الاسكندرية الى القاهره والعكس فهم فقط يحملوا بعض المتعلقات الشخصية

- بابا (قالها فهد بتهكم)

نهضت يسرا من على السرير ووقفت امام اخيها الذى كان يبحث عن ملابس معينه داخل الخزانة

يسرا : بقولك ايه يا فهد ، سيبك من بابا وماما ومن اى حد بس خاف على نفسك ومستقبلك ، ماشى بابا ضيعك وكان سبب فى ان احلامك متتحققش بس انت لسه عندك ٢١ سنه ، لسه العمر ادامك يا فهد متضيعهوش وانت بتتحسر على الفات اللى استحاله يرجع او يتغير ، انت بين ايديك بنت بتعشق التراب اللى انت بتمشى عليه ، مستحملالك بكل ظروفك ، مستحمله نفسيتك وعصبيتك ، مُتقبله مستقبلك اللى مالوش ملامح زى مانت دايماً بتقول متضيعهاش ، زهرة متستحقش ده يا فهد

تركته يسرا وخرجت حتى تتناول وجبه الافطار اما فهد فجلس على السرير الموجود اقصى يسار الغرفه وظل ينظر لأسفل ، ظل فهد قرابة عشرون دقيقة ينظر للاسفل ويفكر فيما قالته يسرا ثم اخذ ملابسه وذهب الى الحمام ليأخذ دشاً 
                                   **__**__**
جلست يسرا الى مكتبها فى الجريدة تقرأ مقالها الجديد بعد أن نُشر فى الطبعه الاولى جاء اليها عامل البوفيه وقطع قراءتها للمقال

العامل : آنسه يسرا
يسرا : ايوة يا عم عيد
العامل : فى واحد عايز يقابل حضرتك
يسرا باستغراب : واحد مين !!
العامل : بيقول ان اسمه نور حمدان

عندما سمعت يسرا اسم "نور حمدان" قامت من على الكرسى من شدة التوتر والفرحة والخوف ووجهت نظرها ناحية باب المكتب الذى كان نور حمدان يقف امامه 
كان نور حمدان فى منتصف العقد الثالث من عمره ورغم صغر سنه الا انه استطاع ان يثبت ذاته بسرعه فائقه داخل المجال الفنى ، بدأ فى الثمنينات مع كبار مخرجى السينما والتلفزيون كـ مساعد مخرج ومن ثم اصبح مخرج سريعاً رغم صغر سنه
كان نور حمدان صاحب ملامح مصرية قوية ، حيث كان يتميز بالرجولة الطاغيه سواء فى شخصيته او ملامحه 
جرت يسرا نحوه قائلة "أستاذ نور اتفضل" ، دخل نور الى المكتب الذى كان به اربع مكاتب من ضمنهم مكتب يسرا وجلس على كرسي مجاور لـ مكتبها وطلبت يسرا من عامل البوفيه ان يأتى لها بـ فنجاناً من القهوة من البن الخاص بها وذلك اكراماً لـ نور حمدان

يسرا : على الرغم من انى اتفاجأت جداً الا انى مبسوطه ان حضرتك جيت
نور : لقيتك اتأخرتى فى ردك عليا قولت اجيلك انا
يسرا : انا اسفة طبعاً بس .........

يقطع كلامهما عامل البوفيه الذى اتى بـ قدحين من القهوة وضع واحد منهما امام نور حمدان والاخر امام يسرا ، يأخد نور رشفة من القهوة بعد ان يضع قدماً فوق الاخرى ثم يتابع حواره مع يسرا بابتسامته الباردة التى لا تفارقه

نور : بس ايه ؟
يسرا : انا محتاجه اقرأ الدور
نور : دور ايه ؟
يسرا : الدور اللى حضرتك عايزنى فيه

يضع نور فنجان القهوة على المنضدة التى امامه ويعتدل فى جلسته قليلاً

نور : لسه مفيش دور محدد
يسرا : يعني ايه لسه مفيش دور محدد
نور : يعنى انا شايفك تنفعى ممثلة ، لو وافقتى هنشوف الدور اللى يناسبك واظن مفيش اكتر من المؤلفين وافكارهم

نظرت يسرا الى نور نظرة فاحصة لكنها لم تربكه على الاطلاق بل لم تهتز له شعرة واحدة فى رأسه وابتسم ابتسامته الباردة واستطرد حديثه

نور : بس اكيد هنعملك اختبـ........

تقاطعه يسرا والتى بدأت تفكر بشكلاً اخراً : أستاذ نور ، اسمحلى ، حضرتك اخترتنى بناءاً على ايه ؟
نور : بناءاً على انك فيكى كل مقومات اللى تأهلك انك تكونى ممثلة ناجحة ومشهورة
يسرا : انا بعتذر لحضرتك جداً ، مش هوافق قبل ما اقرأ script 
نور : وانا مقدرش اديلك script قبل ما اعملك اختبار
يسرا : حضرتك مش حاسس بتناقض !! 

اخذ نور رشفة من فنجان القهوة ووضعه على المنضدة امامه ورفع حاجبه استغراباً
نور : تناقض !!
يسرا : منين حضرتك بتقول ان فيا كل المقومات اللى تأهلنى تكون ممثله ومنين بتقول ان لازم تعملى اختبار
نور : المقاومات اللى عندك سطحية ، يعنى جسمك جسم ممثلة ، جمالك شياكتك خفة دمك رشاقتك ، الاختبار بقى عشان نشوف جواكى ممثلة ولا لا

وضعت يسرا ظفر سبابتها فى فمها دلالة على التفكير وتعقل الكلام وقبل ان تشرع فى الكلام ، اخرج نور حمدان بطاقة اعمال التى بها رقمه الخاص وعنوانه ووضعها امام يسرا

نور : فكرى براحتك لو موافقه كلمينى عشان نعملك الاختبار وبعدها هديلك اكتر من script عشان تختارى منهم اللى يناسبك

وخرج نور حمدان من الجريدة تاركاً يسرا فى حيرة من أمرها كانا تفكيرها ومشاعرها مشوشه جداً ، لا تعرف ماذا تفعل ، هل تقبل بهذه الفرصه وتدخل فى صراع مرة اخرى مع عمر وكذلك مع عائلتها ام تفعل هذا بدون علمهما ، بعد تفكيراً عميق قررت يسرا ان تأخذ كامل وقتها فى التفكير قبل الرد على نور حمدان سواء بالرفض او القبول


#تابعونا
#مَن_أكون
#آلاء_الشريفى

0 التعليقات :

إرسال تعليق