Invite your friends
بـ قلم / آلاء الشريفى. يتم التشغيل بواسطة Blogger.
افتقاد و حنين من مدونة فجر الفؤاد بين الشرف و الترف قصر الدبلوماسي أم قاصرة  يوميات عائلات مصرية

الأحد، 1 فبراير 2015

مَن أكون (الفصل السادس)

الفصل السادس


انتفض جسد يسرا اثناء قرائتها لـ الدور الذى عرضه عليها نور حمدان ، تفاجأت كثيراً بالالفاظ الخارجة التى قرأتها ، ذُهلت لـ تلك المشاهد الاباحية وما ذهلها اكثر ان بطلة هذا الفيلم مجرد عاهرة تمارس العُهر فقط للمتعه لا من اجل مالاً ولا لأن ظروفها السيئه دفعتها لذلك

شعرت يسرا بالاحتقار من ذاتها ليس بسبب هذا الدور الذى عُرض عليها ولكن بسبب خيانتها لـ عمر التى رأتها تتجسد فى تلك البطلة والتى بدأت حياتها بتكرار العلاقات العاطفية ومن ثم تورطها فى علاقتين عاطفيتين فى آنٍ واحد ثم تطورت تلك العلاقات الى علاقات جنسيه ومن ثم اصبحت عاهرة

شعرت يسرا وانها تسير على نفس النهج لذلك دب الخوف فى قلبها واحتقرت نفسها كثيراً

قبل ان تنتهى من قراءة الملف الورقى جائها اتصال هاتفى من يحيى ، قررت يسرا ان ترد عليه فقط لتنهى معه تلك الصداقة الغير مبرره ، ورغم انها اخذت ذلك القرار مراراً وتكراراً ولكنها لم تنفذه الا انها عزمت تلك المره على تنفيذه


يسرا : ايوة

يحيى : ايوة !! مالك

يسرا : يحيى لو سمحت متكلمنيش تانى

يحيى : فى ايه يا يسرا هو انا كل ماكلمك تجرحيني كده

يسرا : اجرحك !!

يحيى : وبعدين لو مش عايزانى اكلمك فعلاً مترديش عليا لما اكلمك

يسرا : عندك حق ، انا بقى مش هرد عليك فعلاً

يحيى : لما نشوف

يسرا : سلام (واغلقت الهاتف) وهحط رقمك فى الـ block list كمان وهعملك block على الواتس اب والفيس (كانت تحدث نفسها)


قامت يسرا بـ حظر رقم يحيى وحظرت حساباته من على مواقع التواصل الاجتماعى المختلفه ، شعرت يسرا بالراحه الشديدة عندما قامت بتلك الفعله وبالفعل عزمت على ان تكون تلك هى المرة الاخيره التى تتكلم فيها مع يحيى وبسبب فرحتها الشديدة بنفسها اتصلت بـ عمر


يسرا : روحت ولا لسه يا حبيبى ؟

عمر : فى الطريق اهو ، انتِ فين ؟

يسرا : فى البيت ، فهد اخويا خد عربيتى ونزل يقابل زهرة

عمر : زهرة مين ؟

يسرا : البنت اللى مرتبط بيها

عمر : هو فهد اخوكى فاضى مش وراه حاجة

يسرا : يعنى ايه ؟

عمر : اصل المفروض ده وقت دراسه وهو فى جامعه فاروس اللى فى اسكندريه تقريباً ، بيعمل ايه كل ده فى القاهرة ؟

يسرا : كان عنده مشكله وجاى هنا يريح اعصابه شوية

عمر : ربنا معاه ، انتِ ايه اخبارك ؟

يسرا : انا تمام يا قلبى وانت

عمر : كويس

يسرا : حاسه ان فيك حاجة مش طبيعيه

عمر : لا انا تمام ، لا تقلقى

يسرا : انا بحبك اوى يا عمر ، بجد بحبك فوق ما تتصور

عمر : تمام

يسرا : هو ايه اللى تمام ؟

عمر : انا كمان بحبك

يسرا : عمر ، انت لسه زعلان منى ؟

عمر : لا يا يسرا ، انا بس زعلان من نفسى

يسرا : ليه ؟ 

عمر : مش وقته

يسرا : انت مروح دلوقتى ؟

عمر : اه هعدى على خالتى وبعدين هتغدى وانام

يسرا : كلمنى قبل ما تنام

عمر : اوكى


واغلقا الهاتف وظلت يسرا تفكر فى تغير حال عمر وارتابت كثيراً لـ كلماته لها ولكنها توصلت فى النهاية ان كل هذا بسبب كلامها مع يحيى

**__**__**

فى احد المقاهى جلس فهد وزهرة وكان يفصل بينهما منضدة وضع عليها قدحاً من القهوة لـ فهد وكأساً من عصير الفراولة لـ زهرة 

كان الغضب يسيطر سيطرة تامه على فهد الذى لم يستوعب حتى الان كيف سافرت زهرة كل هذه المسافة بمفردها وكيف استطاعت ان تصل حتى منزل جده اما زهرة فـ كانت فى حالة انهيار تام بسبب روؤيتها لـ فهد فى هذا الوضع حيث كان يظهر على فهد علامات الاكتئاب وايضاً الاثار السلبيه لـ انسحاب المخدر من دمه


زهرة : انا مش فاهمه ، انت مضايق عشان انا هموت واشوفك !! عشان هموت واطمن عليك

فهد : وانتِ عشان تطمنى عليا تعرضى نفسك للخطر

زهرة : اه ، ومعرضش نفسى للخطر وبس ، لا انا مستعدة اموت عشان بس اعرف انك كويس

فهد : زهرة ، انتِ عارفه انى مبحبش كده ومبحبش انك تحبيني حب مجنون يضيعك

زهرة : انت عايز ايه يا فهد ؟


ينظر فهد الى قدح القهوة الذى امامه ويحركه باصبعه دلالة منه على التوتر والتردد ، بعد ثوانٍ قليلة يرفع عينيه الى زهرة


فهد : زهرة ، انتِ لازم تبعدى عنى ، لازم نسيب بعض

زهرة : نسيب بعض !! ليه ؟ 

فهد : عشان انا بحبك

زهرة : عشان بتحبنى تسبنى !!

فهد : ايوة ، انا ضعيف يا زهرة ، مش قادر ابطل المخدرات كل ما احاول بتنكس تانى ومستقبلى فى الكلية خلاص راح بعد فصلى منها ومش عارف اسلك فى الكلية اللى انا فيها دلوقتى

زهرة : بس انت مبتحبنيش يا فهد لانك لو بتحبنى كنت بطلت عشانى

فهد : سيبك من الافلام العربى دى وان واحد يبطل سجاير او مخدرات عشان واحدة ، الموضوع مش سهل زى مانتِ متخيله

زهرة : مش سهل ليه ؟ محتاج ايه اكتر من اللى عندك

فهد : مش محتاج اى حاجة الا المخدر


يخيم الصمت على زهرة وفهد ، حيث ان زهرة كانت تحاول استيعاب صدمتها وتحاول الا تفلتا دموعها من عينيها اما فهد فكان ينتظر ان تتكلم زهرة وتخبره انها سوف تنفصل عنه للابد ، بعد ثوانٍ قليلة استعادت زهرة صوتها وادراكها


زهرة : بص يا فهد ، انا مش هتحايل عليك ومش هقف جنبك اكتر من كده لان انا تعبت ، متعبتش من ضعفك ولا من انك بتاخد مخدرات ولا اى حاجة من دى ، انا تعبت من عدم تقديرك ليا

فهد : طيب اركنى كل ده على جنب وخلينا نفكر بمنطقية ، انا دلوقتى عندى ٢١ سنه ، مفصول من الكلية الفنيه العسكرية ، مخلصتش الكلية اللى انا فيها ، مدمن وكل شوية بتحجز فى مصحه ، وانتِ بتحبيني وانا بحبك وموافقه على كل ده ، هاتيلي بقي الاهل اللى يوافقوا على واحد زيي

زهرة : انت ليه مصمم تقلل من نفسك ، وحتى لو انت سئ اوى كده ومفيش حد هيوافق عليك ليه مبتحاولش تصلح من نفسك وتبقي احسن من كده

فهد : انا حابب نفسى كده

زهرة : هيجي عليك وقت وهتندم ، لما تلاقى العمر جرى بيك ومعملتش اى حاجة غير انك بقيت مدمن ، لما تخسر كل حاجة والعمر يتقدم بيك وتلاقى مفيش حد جنبك ومعندكش اى حاجة حتى تمن المخدر مش هتعرف تلاقيه 


يشير فهد الى النادل كى يأتى له بـ حساب المشروبات دون ان يعير كلام زهرة اى اهتمام ، اخرج النقود من جيبه واعطاها للنادل وقال لـ زهرة دون ان ينظر اليها (يالا عشان اوصلك المحطه)

**__**__**

وصل عمر الى البناية التى يقيم بها وقرر ان يذهب اولاً الى مى حتى يهون عليها ما تمر به ، وصل عمر الى شقتها وهم بطرق الباب ولكنه سمع صوت كاميليا تتحدث الى مى فـ قرر ان يقف خلف الباب ويسمع ماذا تقولان 


كاميليا : انا مش هسمحلك يا مى

مى : انتِ عايزة منى ايه يا كاميليا ، لا عيزانى ابعد ولا عيزانى اقرب

كاميليا : قربى ، بس بلاش موضوع الحب والجواز ده

مى : وفيها ايه لما احب عمر واتجوزه ، عمر خلاص عرف الحقيقة

كاميليا : ليه مصرة انى اجرحك كل شوية وافكرك ان عمر بيحب يسرا وناوى يتجوزها

مى : ماهو مخدش الفرصه انه يحبنى

كاميليا : انا مش عارفه اقولك ايه ، عمر بيحب يسرا ومش اى حب ومظنش انه ممكن يحب غيرها

مى : يبقي سبينى ابعد ، ابعد للابد

كاميليا : مش قادرة ، انا امك يا مى ، ربيتك وكبرتك وكنتى ومازلتِ اقرب انسانه ليا ، مقدرش اسيبك تبعدى

مى : لما واحدة تربى مع ابنها واحده المفروض تسعى انهم تجوزوهم لانها واثقه انها ربت تربيه كويسه تنفع لابنها لكن انتِ غريبه مصممه تبعدينا عن بعض 

كاميليا : وعشان انا ربيتك وربيت ابنى فانا اكتر واحدة عرفاكوا وعارفه ان انتوا الاتنين متنفعوش لبعض ، انا بدور على سعادتكوا

مى : يبقى سبينى ابعد ، سبينى انسى عمر

كاميليا : لا ، لازم تعيشى معانا ، زى مانتِ قولتى مش قادرة تعتبرى عمر ابن اختك لانك مش اختى ممكن تعتبريه اخوكى

- اخويا (قالتها مى متهكمه)

كاميليا : زى اخوكى ، اقولك تعالى نسافر سوا انا وانتِ اى حته اهو تغيرى جو

مى : تمام

كاميليا : انا بحبك اوى يا مى ولازم تبقى عارفه ده 

مى : بس مش اكتر من عمر

كاميليا : عمر ابنى

مى : وفرحة عمرك ونور عينك ، مش دايماً بتقولى عليه كده ؟

كاميليا : دى حقيقة 

مى بصوت مخنوق وعيني دامعه : اهو عمر بالنسبه ليا اكتر من كده


اختنقت كاميليا بسبب حزن مى ودموعها وعشقها لـ عمر ، لا تدرى هل تترك مى تتقرب من عمر لـ يحبها ام تبعد عنه مى للابد ، ولان كاميليا تثق من ان عمر لم ولن يعشق سوى يسرا فقررت الا تسمح لـ مى بالبعد عن عمر


كاميليا : وانا مش هبعدكم عن بعض ، واتمنى تخلى عمر يحبك

مى : بجد يا كاميليا ؟

كاميليا : بجد يا مى

عمر مردداً لنفسه : ايه اللى هببتيه ده يا ماما

**__**__**

لم يستطع قاسم الراوى الصبر كثيراً حتى يرى ابنه فهد ويتحدث اليه لذلك اوهم زوجته فى الصباح انه ذاهباً الى عمله ولكنه استقل سيارته وذهب الى القاهرة قاصداً منزل ابيه وامه

طُرق باب المنزل وقامت بفتحه الخادمة ، كان فهد يجلس مع جدته فى الصالون المُقابل لـ باب الشقة وكان جده جالساً يتابع الاخبار فى التلفاز الموضوع جانب الصالون

دخل قاسم الراوى ووقف بقامته الطويلة امام ابنه ووالديه

يتميز قاسم الرواى بـ وسامته رغم وصوله التاسع والاربعين من عمره ، كان يمتلك بشرة خمرية اللون وعيوناً عسلي لامعه

انتفض جسد فهد وشحب وجهه عندما رأى والده ووقف وعندما احست جدته ذلك الخوف وقفت هى الاخرى واحتوت حفيدها بـ حنانها ويديها

وعلى غير العادة تعامل قاسم بكل هدوء مع ابنه ولا يعلم هل هذا بسبب وجود والديه ام بسبب كثره قسوته على ولده

القى قاسم التحيه بعد فترة من الصمت دامت لنصف دقيقه تبادل خلالها قاسم وولده النظرات ، اقترب قاسم من والديه وصافحهما بحراره وشوق ثم طلب من ابنه ان يتحدث معه بالداخل وبدون وجود احداً معهما وبالفعل دخلا شُرفة احدى الغرف


قاسم : انا عارف انك محتاج تريح اعصابك ، عارف انك مش مستحمل اى نقاش بس انا كذلك مش مستحمل اشوفك كده ، اشوفك بتضيع وبتضيع نفسك ومستقبلك

فهد : مستقبل !! انهى مستقبل ده ؟ هل قصد حضرتك على الكلية اللى اتفصلت منها ؟ ولا على العمر اللى ضاع فى المصحه

قاسم : احنا يا فهد اول مرة نقعد ونتكلم بهدوء فـ ياريت بلاش العصبيه دى

فهد : انا مش هرجع المصحه ، ده اللى عندى

قاسم : ليه !! ليه مش عايز ترجع المصحه !! ليه مش عايز تتعالج


استغرب فهد هدوء والده الغير طبيعى فهو اعتاد من والده على العصبيه وافتعال المشاكل والقسوه ولذلك اضطر فهد ان يسيطر على اعصابه وان يتناقش مع والده بهدوء


فهد : بما انى اول مره اشوف حضرتك بالهدوء ده ممكن بقى حضرتك تقولى ليه صممت ادخل كليه عسكرية رغم ان حضرتك كنت عارف انى مش عايزها وسيبت يسرا ومهند يدرسوا المجال اللى حابينه

قاسم : مبدأياً متحطش نفسك فى مقارنه مع يسرا ، يسرا ليها وضعها وظروفها الخاصة ، انا بعترف انى غلطت فى حقك يا فهد بس كل الحكايه انى كان نفسى اشوفك ضابط مش اكتر 

فهد : بس انا مكنتش عايز ابقى ضابط

قاسم : وانا قولت انى بعترف انى غلطت ، بس هل الصح اننا نفضل نفكر فى المشكلة ومنفكرش فى الحل

فهد : وتفتكر ايه الحل ؟ ضاع من عمرى سنتين فى الكلية وبعدها انفصلت ظلم وسنه ونص فى المصحه

قاسم : وبعدها هربت ، انت عارف انت هربت كام مرة فى سنه ونص !! عارف انك مكنتش محتاج اكتر من ست شهور كاملين على بعض وتتعالج

يتنهد فهد تنهيدة شقت صدره : بس انا مش عايز اتعالج


يحاول قاسم ان يحتفظ بهذا الهدوء رغم انه بدأ يخرج عن شعوره بسبب البرود الذى يتملك فهد


قاسم : ليه !!

فهد : فى واقع سئ جداً محاصرنى ، مش عارف اعيش فيه ومينفعش مش اعيش فيه ، المخدرات بتخلينى اعيش فى دنيا تانيه خالص ، بتخليني ناسى الدنيا بقرفها

قاسم : وهتفضل هربان من الدنيا لحد امتى ؟ هتفضل موهوم لحد امتى ؟

فهد : لحد ماكون مش مدمن 

قاسم : يعني ايه ؟


يقف فهد وينظر الى الشارع من خلال الشرفة ، يختنق صوته بشده وتلمع عينيه بسبب تلك الدموع التى منعها من النزول


فهد : انا فى نظركوا ، فى نظركوا كلكوا حضرتك وماما واخواتى وكل الناس ، فى نظر المجتمع كله (ويصمت خمس ثوانى ثم يتنهد ويكمل) مُدمن


يقف قاسم خلفه ويضع يديه فى جيب بنطاله ويسأل فى استغراب : يعنى ايه ؟

يلتفت فهد لوالده : يعني مهما اتعالجت وبقيت طبيعي هتفضلوا تعايرونى بآنى مدمن ، فى اى خناقه هلاقى اللى يقولى يالا يا مدمن ، يعني حتى بعد ماتعالج واتقدم لـ زهره هترفض عشان انا مدمن ، هو ده المجتمع ، لو واحد سرق لاول ولاخر مرة فى حياته وتاب برضه هيفضل حرامى ، لو واحدة عملت حاجة غلط مرة واحدة وتابت تفضل فى نظرهم وحشه ومش مظبوطه ، وانا برضه هفضل مدمن

بدأ قاسم يتخلى عن هدوئه وبدأ يتحدث بعصبيه : انت اللى عايز تفضل مدمن وبتدورلك على حجه ، يا ابنى هتموت ، هتموت من اللى بتعمله فى نفسك ، العمر هيعدى بيك وهتلاقى نفسك معملتش اى حاجة غير انك دمرت صحتك ودمرتنا معاك 


يخيم الصمت عليهما ، يجلس قاسم على المقعد الموجود فى الشُرفة محاولاً ان يهدأ مرة اخرى اما فهد كان يحاول ان يعود لسابق عهده وهو التأثر بتلك الكلمات حيث ان فى الاونه الاخيره اصبح فهد عديم الاحساس ، يقف قاسم مرة اخرى امام فهد


قاسم : انا مش هقول اكتر من اللى بقالى اكتر من تلت سنين بقوله ، انا هسيبك هنا تريح اعصابك ، مش هرجعك المصحه غصب عنك بس هقولك لاخر مرة فكر فى نفسك ، فكر فى زهره ، ذنبها ايه البنت دى ، فكر فى امك اللى هتموت من حسرتها عليك ، فكر فى اى حاجه غير انك تروح مننا يا فهد


قالها قاسم بنبره حزينه وصوتاً مجروحاً وتركه وخرج من الغرفه واخبر والديه انه يجب ان يعود للاسكندريه اليوم 

**__**__**

ذهبت يسرا لـ مقابلة نور حمدان بحسب اتفاق مسبق بينهما ، كانت يسرا خائفة ، قلقة ، مرتبكه ومتوترة ، كانت احاسيسها غير طبيعيه وغير محدده ، كانت تخشى ان ترفض ذلك الدور الذى عُرض عليها فـ تضيع منها فرصه التمثيل والبطوله المطلقة مع مخرج ومنتج من اهم صناع السينما فى الوطن العربى ولكنها ايضاً لا تستطيع ان تقبل بـ دوراً مثل هذا ، حيث ان يسرا قررت ان تخوض تجربة التمثيل بدون علم والدها ووالدتها وعمر فقط لـ تثبت لهما انها موهوبة وانها ستؤدى دوراً مميزاً يتسم بالرقى والاحترام

جلسا نور حمدان ويسرا فى حديقة الڤيلا 


نور : انتِ فعلاً لحقتى تقرأى الورق ؟

يسرا : اهاا انا سهرت عليه لحد ما خصلته

نور : وايه رأيك ؟

يسرا : هو انا معروض عليا انهى دور

نور : انا عايزك بطله يا يسرا لانك تستحقى ده

يسرا : قصد حضرتك دور بوسى ؟

نور : بالظبط

يسرا : بس ده دور جرئ جداً ، لبس الشخصيه والفاظها والمشاهد الخارجه للشخصيه كتيرة

نور : ده فن يا يسرا ، المفروض تبقى عارفه كده

يسرا : هو الفن انى اطلع فى دور عاهره بتعمل كده هواية !! حتى مفيش نص فى الورق قال ان ظروفها السيئه دفعتها للانحراف

نور : انتِ متأكده انك كملتى الورق للاخر

يسرا : كملته

نور : يعنى المفروض تكونى فهمتى الرساله اللى عايزين نوصلها من الفيلم ده والرساله دى كان فى اللى حصل لـ بوسى فى الاخر وده كان بسبب تصرفاتها الغلط وانحرافها و ******


صُعقت يسرا لما قاله نور ، فقد قال لفظاً خارجاً قبيحاً بكل سهوله ويسر وكأنه يقول صباح الخير ، بلل العرق جبهة يسرا واحمر وجهها خجلاً 


نور : متتخضيش كده ، انا بس بحاول اعودك على الدور

يسرا : انا بعتذر لحضرتك ، مش هقدر اقبل الدور 


صمت نور حمدان لـ ثوانٍ معدوده ونظر نظرة طويلة الى يسرا زادت من ارتباكها ثم ابتسم ابتسامته الباردة واكمل حديثه


نور : عشان انتِ فرصه مش عايز اضيعها من ايدى وعشان دى فرصه مش عايز اضيعها من ايدك فانا هديلك اختيار افضل

يسرا : يعنى ايه ؟

نور : يعنى هنعمل جلسة عمل انا وانتِ والمؤلف والمنتج ونحاول نخفف من المشاهد والالفاظ اللى انتِ رفضاها

يسرا : بس انا رافضه من الاساس اعمل دور بوسى

نور : دور بوسى مجرد شخصيه بتلعبيها ملهاش علاقة بيكى كـ انسانه بجانب ان الدور فيه رساله مهمه وواضحه


اوشكت يسرا على الرد ولكن اوقفها نور بـ رده "قبل ما تاخدى قرار فكرى كويس وعلى اقل من مهلك وانا مستنيكى" ، ابتسمت يسرا ابتسامه باهته ظهر فيها قلقها وخوفها ، استأذنت من نور حمدان وتركت ڤيلته واستقلت سيارتها ، تابعها نور بـ نظراته حتى اختفت من امام عينيه ثم ردد بـ صوت شبه مسموع "لما اشوف اخرتها معاكى ايه يا يسرا"

**__**__**

عاد قاسم الرواى الى الاسكندرية واثارت عودته المبكرة القلق لدى زوجته فعادةٍ لا يعود قاسم من عمله فى ذلك الوقت لذلك جرت نحوه بمجرد دخوله الى البناية


نادية : قاسم ، انت كويس ؟

قاسم : ايوة يا حبيبتى متقلقيش

نادية : امال جيت بدرى كده ليه ؟

قاسم : انا مروحتش الشغل النهارده

نادية : مروحتش الشغل !! امال كنت فين ؟

قاسم : روحت لـ فهد

نادية : بجد !! روحتله القاهرة

قاسم : ايوة


ودخل قاسم الى غرفة نومه ليبدل ملابسه ومن خلفه زوجته


نادية : فى ايه يا قاسم ؟ فهد كويس ولا لا

قاسم : لا مش كويس

نادية : يعنى ايه ؟

قاسم : شكله متغير ، المخدرات دمرته

نادية (وقد انهمرت الدموع من عينيها) : دمرته ازاى ؟

قاسم : اول مرة احس انى ظلمت فهد وانى السبب فى اللى هو فيه ، اول مرة قلبى يتوجع كده عليه

نادية : فهد لازم يتعالج يا قاسم ، غصب عنه او بمزاجه

قاسم : ازاى يعنى غصب عنه ؟

نادية : يجى هنا ويتحبس فى البيت ويتمنع عنه الهباب اللى بياخده ده والدكتور يتابع معاه من البيت

قاسم : اللى بتقوليه ده صعب ، فهد مينفعش يتغصب عليه

نادية : مانت غصبت عليه فى كل حاجة ، جيت عند الحاجة اللى فيها مصلحته وقررت متغصبهوش

قاسم : انا واثق ان قريب اوى هو اللى هيطلب يتعالج

نادية : طيب انا عايزة اشوفه

قاسم : هنروح كلنا اخر الاسبوع بإذن الله

نادية : ان شاء الله


بدل قاسم ملابسه وخرج من غرفته واتجه ناحية غرفة مهند المشتركه مع فهد وقبل ان يطرق الباب سمع صوت مهند وهو يتحدث فى الهاتف الى احدى الفتيات اللاتى يهاتفهن ، كاد قاسم ان يترك مهند لاستكمال تلك المحادثة الدافئة ولكنه خرج عن شعوره وقرر ان يدخل لابنه ، طرق قاسم الباب فاغلق مهند الهاتف سريعاً ، دخل قاسم الغرفه وجلس على سرير فهد الذى يرقد بجوار سرير مهند وكان مهند جالساً على سريره


قاسم : كنت بتكلم التليفون ؟

مهند : اه بس مش حاجة مهمه يعنى

قاسم : تمام

مهند : حضرتك جيت بدرى يعنى ؟

قاسم : اهاا ، كنت عند فهد

مهند : بجد !! طيب واخباره ايه

قاسم : بخير 


صمت قاسم قليلاً ونظر للاسفل ثم رفع رآسه ونظر الى عينى مهند مباشرةٍ 


قاسم : عارف يا مهند ، برغم ان فهد مدمن ومفصول من كلية عسكرية ومش عايز يكمل كليته الا انه فى نظرى افضل منك ، رغم انك مثقف ومجتهد وملتزم

مهند : حاجة تسعدنى ان اخويا يبقي احسن منى طبعاً بس اتمنى توضح وجهة نظر حضرتك اكتر

قاسم : فهد مبيضرش الا نفسه بغض النظر عن ان قلوبنا موجوعه عليه بس فى النهايه هو الخسران لكن انت بتضر ناس كتير

مهند : يعنى ايه يا بابا ؟

قاسم : يعني لما تعرف بنت قلبها زى الورده اللى لسه بتفتح وتعلقها بيك وتعيشها قصة حب افلاطونيه وفى الاخر تجرحها وتسيبها لاما معقده لاما مقرره تتنقم من كل الشباب وتبدأ تعمل زيك يبقي انت كده بتضرها وانت السبب فى اللى هتوصله

مهند : ايوة بس هما ..........

قاسم مقاطعاً : اسمعنى يا مهند ، انت عندك اخوات بنات ، هيبقى عندك زوجه وبنات ، انت عارف ومتأكد انك محبتش ولا واحده من اللى عرفتها انت بس عاجبك الموضوع بيسليك ، فـ اهدى بقى بدل ما تقع على جذور رقبتك

مهند : اقع !!

قاسم : ايوة تقع ، لاما بقى تتجوز واحدة كانت بتعمل اكتر من اللى انت بتعمله لاما تخلف بنت (ويقف ويتجه ناحية الباب) وتطلع عينك زى مانت مطلع عنينا كده (وخرج)


لم تهتز شعرة لـ مهند من كلام والده ، فهو متأكد من انه لم يظلم اى فتاة عرفها من قبل ، فـ بمجرد ان تتغير مشاعره ناحيتها يعترف لها بذلك ، فآى فتاة يقابلها او يحدثها فى الهاتف حقاً يشعر انه يحبها ولكنه قلق من فكرة زواجه من فتاة فعلت اكثر مما هو فعل لذلك اعاد التفكير فى كلام والده

**__**__**

فى مساء اليوم التالى جلس عمر ويسرا لتناول وجبه الغداء سوياً ، كان عمر على غير عادته صامتاً اغلب الوقت لم يكن ينظر الى يسرا اما يسرا لم تتوقف عن الكلام وعن سرد يومياتها حيث انها لم تقابل عمر منذ ايام ولكن صمت عمر لفت انتباهها لذلك توقفت عن الكلام لتسأله عن ما به


يسرا : مالك يا عمر ؟

عمر : انا قررت اخطب

يسرا : تخطب !!

عمر : اهاا

يسرا : مش فاهمه ، تخطب حد غيرى يعنى ؟

عمر : اه 

يسرا : نعم !! طب وانا

عمر : انتِ ايه ؟

يسرا : لما انت هتخطب واحده غيري انا وضعى ايه بقى ؟

عمر : زى مانتِ

يسرا : يعنى ايه ؟

عمر : يعنى هتفضلى حبيبتى وهنفضل زى ماحنا كده بنتكلم ونتقابل ونحب فى بعض

يسرا : بس !!

عمر : ماهو ده اللى انتِ عيزاه ، عايزة حب وتنطيط مش خطوبة وجواز

يسرا : بس مش لدرجه انك تصاحبنى وانت خاطب

عمر : لا انا لسه مخطبتش بس انا لازم اخطبها

يسرا : ليه لازم ؟

عمر : غلطت معاها

يسرا : نعم !!

عمر : وانا مقدرش اتخلى عنها ، اللى مرضهوش على امى وعليكى مرضهوش على بنات الناس

يسرا : خونتنى يا عمر !!

عمر : غصب عنى يا يسرا ، انا بنى ادم بيضعف ويغلط

يسرا : مش للدرجة دى (وقد تساقطت الدموع من عينيها) بتخونى وتوصل بيك المرحله انك تعمل كده مع واحده وعايز تتجوزها وتقولى غصب عنى ، انت خاين يا عمر


نظر عمر نظرة طويلة الى يسرا ولم يقل لها اى كلمه مما اثار غضب يسرا وجعلها لا تتوقف عن البكاء وتوجيه السباب والشتائم الى عمر وظل عمر على هدوئه وثباته


#تابعونا

#مَن_أكون

#آلاء_الشريفى

0 التعليقات :

إرسال تعليق