Invite your friends
بـ قلم / آلاء الشريفى. يتم التشغيل بواسطة Blogger.
افتقاد و حنين من مدونة فجر الفؤاد بين الشرف و الترف قصر الدبلوماسي أم قاصرة  يوميات عائلات مصرية

السبت، 16 مايو 2015

مَن أكون (الفصل الخامس عشر)

الفصل الخامس عشر

مر الساعات ولم تعود يسرا للمنزل ، هى عادة لا تبقى خارج المنزل حتي هذه الساعه المتأخره من الليل وان حدث هذا تقوم بـ مهاتفة جدتها حتى لا تقلق عليها ولكنها تأخرت ولم تتصل بل انها لا تجيب على الهاتف 
ظلت زينب المنصوري تحاول الاتصال بـ حفيدتها ولكن دون جدوى ، لا احد يجيب بل وان الهاتف بعد فتره اُغلق تماماً
دب الخوف والقلق في قلب الجدة ، كيفما قذف الله في قلبها عشقاً لـ حفيدتها قذف ايضاً في تلك اللحظات الصعبه خوفاً ورعباً وقلقاً عليها
حقاً ، فى قلوب الجدود لا يوجد اغلى من الابن سوى ابنه ، اذا حدث مكروه لـ الحفيد ربما يحزن الجد والجده اكثر من الاب والام
فـ الحزن على الحفيد الذي احبوه والاب او الام الذين احبوهما من قبله ، وجع تام من جميع الجوانب
لم يتوقف لسان زينب المنصورى عن الدعاء لـ ربها ومناجاته وتوسلاتها له حتى لا يحدث مكروه لـ يسرا ، ولكن مرت الثواني بـ بطء كاد يقتلها ، نعم لقد طفح الكيل من كثرة الانتظار والخوف ، ولكن مَن سـ تخبره حتى يساندها تلك المعاناه ، فـ زوجها على الرغم من انه متماسك رغم كبر سنه الا ان هذا لا ينكر عليه اصابته بـ امراضاً مزمنه ، لذلك تراجعت زينب عن اخبار زوجها ، اذن الحل هو ابنها ، هاتفته وهى مرتبكه وقلقه جداً ، اجاب قاسم على الهاتف بسرعه فائقه كما اعتاد

قاسم : الو ، اذيك يا امى
زينب : الحمد لله يا ابنى ، مراتك جنبك
قاسم : اه تاخدى تكلمـ......
زينب مقاطعه : قوم من جنبها يا قاسم 
قاسم : فى ايه يا ماما ؟
زينب : يسرا بنتك خرجت من الصبح ومرجعتش لحد دلوقتي ، موبايلها مقفول ومكلمتنيش من الساعه اتنين الضهر ومقالتش انها هتتأخر كده
قاسم : يمكن خرجت مع صحابها وموبايلها فصل شحن
زينب : ياما عملت كده وكانت بتكلمني من موبايل اي حد من اصحابها تطمنى ، انا قلبى مش مطمن يا قاسم
قاسم : طيب انا هغير واجيلك
زينب : متعرفش نادية حاجه كفايه اللي هى فيه
قاسم : حاضر

على الرغم من ان قاسم كان هادئاً جداً الا انه من الداخل كان هشاً الى ابعد ، انهارت اعصابه ونزف قلبه خوفاً على ابنته
يسرا ، ابنته الكبرى ، ابنته وابنة حبيبته الاولى ، صديقته ، حبيبته ، لم يسمح قاسم لـ خياله او شيطانه ان يتحكم به 
بدل ملابسه على الفور واخبر زوجته بأن والده أسعد الرواى مريض ويجب ان يذهب الي القاهرة الان
لم يعرف قاسم كيف قاد سيارته ، لا يتذكر ملامح الطرق التى مره عليها من شدة قلقه على فلذة كبده
وصل الى القاهره وتحديداً الى منزل والده لـ يجد والدته تبكى وتطضرع الى الله وتتسول اليه كى تعود يسرا سالمه

قاسم : ايه اللى حصل ؟ ويسرا راحت فين ؟
زينب : يسرا خرجت الصبح راحت شغلها زي كل يوم المفروض انها بتخلص ٣ وساعات ٤ ، بس لما بتتأخر بيكون اخرها ١٠ ولو اتأخرت عن كده بتكلمنى تعرفني انها هتتأخر ، النهارده مكلمتنيش ومقالتليش قبل ما تنزل انها هتروح في حته بعد الشغل او حتي هتتأخر
قاسم : يعنى تفتكرى تكون راحت فين ؟
زينب : يا ابنى هو انا لو كنت اعرف كنت جبتك على ملى وشك من اسكندريه لحد هنا
قاسم : ان شاء الله خير ، هي اكيد كويسه
زينب : طيب انت هتعمل ايه ؟ هتبلغ ولا ايه
قاسم : باقى ساعات قليله والنهار يطلع هروح شغلها اسأل عنها وهسأل عنها صحابها واشوف ممكن تكون راحت فين 
زينب بدموعها الساخنه : انت عايز تستني للصبح
قاسم : منقدرش نبلغ قبل ٤٨ ساعه ومنقدرش برضه نتصرف قبل الصبح
زينب : جيب العواقب سليمه يارب
قاسم بتنهيده موجوعه : يارب
__**__**__
مر اربع ساعات منذ اتصال رمزى الى نور ولكن لم يحضر نور الى ڤيلا رمزى ، ربما لانه لا يفهم المغزى من وراء جملته التى قالها في الهاتف او ربما لانه يعرف ان علام لا يقول كلاماً صادقاً او انه ليس جرئ بالقدر الكافى
ولكن هاتفه علام مره اخرى فى محاوله اخيره منه لـ النيل من حمدان

رمزى : مجتش يعنى ؟
نور : عندى تصوير
رمزى : واضح انك مش باقى على عمرها بقى
نور : انا معنديش حاجه ابقى عليها وبعدين انا اصلاً مش فاهم قصدك ايه ؟
رمزى : حبيبة القلب يا نور ، يسرا
نور : مالها ؟
رمزى : عندى
نور بتوتر شديد : عندك !! عندك بتعمل ايه ؟
رمزى : خطفتها وصدقني لو في خلال ساعه واحده من دلوقتي مكنتش عندى في ڤيلتي لاقتلها واتاويها قبل النهار ما يطلع عليها ومحدش هيقدر يعرف اي حاجه ، لو باقى عليها تكون عندى في الحال
نور بتوسل : متأذيهاش يا رمزى ، ارجوك ، هي ملهاش دخل فى اللي بينا ، ارجوك متأذيهاش
رمزى : مستنيك
 
وجه رمزى بصره الى يسرا لـ يجدها مرهقه ومتعبه بشده بسبب عقد يديها خلف ظهرها وجلوسها على المقعد فى ذلك الوضع منذ ما يقرب من خمس ساعات متواصله
كان الظمأ والخوف والارهاق واليأس يسيطر سيطرة تامة على يسرا التى لم تطلب حتي من علام ان يعطيها كوباً من الماء يروى ظمأها ، كان جسدها ووجها منهكين جداً ، دموعها التى كانت كـ الشلال تغرق وجهها ونزلت على بنطالها الذى كانت ترتديه
كانت كلمات عمر لا تفارق اذنيها ، تذكرت كلماته حين عرف انها تريد ان تدخل مجال التمثيل حين قال لها "انا خايف عليكي يا يسرا مش خايف منك ، خايف يجى عليكي اليوم اللى تتمني فيه انك متدخليش الوسط ده ، دي دايره مش معروف اولها من اخرها ، مش معروف خيرها من شر ، مش معروف مين كويس ومين وحش ، مين هيأذيكى ومين هيحميكي ، فكرى يا يسرا قبل ما تدخلي النار بـ رجلك"

رمزى : واضح انى ظلمته ، طلع مبيحبكيش ولا باقى على عمرك زي ما كنت متوقع ، عموماً دى اخره محاوله هديهاله جايز ظنى يطلع صح

نظرت يسرا بـ عينيها المتورمتين ، المنتفختين ، المرهقتين ، الدامعتين الى علام ، اقترب منها علام وشم الرائحه التى تفوح من ملابسها وشعرها

رمزى : ولو اني نفسى ميجيش ، اى نعم هتموتى بس هفوز بيكي ساعه قبل موتك

حاولت يسرا الابتعاد عن انف رمزى الذى كان يشتمها كـ كلب يشتم عظمه او قطعه من اللحم
ولكن اقترب منها رمزى مره اخرى ومرر اصابعه على شعرها وعنقها 

رمزى : ولو انك مكنتيش عجبانى اول ما شوفتك بس معرفش ليه احلويتى فى عينى

وقام رمزى بـ تقبيل عنقها فـ حاولت يسرا التملص منه وقامت بالصراخ على الرغم من الشريط اللاصق الذى يوجد على فمها ، ابتعد رمزى عنها وجلس على المقعد المقابل لها وضحكاته الشامته ، الشريره تتعالى

رمزى : متخافيش يا حلوة ، لسه ادامى (ونظر الى ساعته) حوالى ساعه الا تلت ، جايز نور يجي ويخلصك من اللي ممكن اعمله فيكي

عندما اغلق رمزى الهاتف مع نور قام على الفور  بـ مهاتفه يسرا لـ يجد هاتفها خارج نطاق الخدمه مما اثار الزعر لديه اكثر
غسل رأسه بالماء البارد حتي يفيق لانه كان مخموراً بعض الشئ وارتدى ملابسه سريعاً ثم استقل سيارته وقاد بأقصى سرعه لديه قاصداً ڤيلا رمزى علام
دخل مكتب علام الملحق بـ الڤيلا لـ يجد يسرا في حالة يرثى لها لـ شده خوفها وارهاقها

رمزى متهكماً : لا مكنتش اعرف انها غاليه عليك كده

لم يهتم نور لـ كلام رمزى بل جرى نحو يسرا كى يحل لها عقدة يديها ولكن وجه رمزى السلاح نحوه

رمزى : اهدى واقعد خلينا نتفاهم
نور بصوتٍ عال : سيبها تروح هى ملهاش ذنب
رمزى : هى أس المشاكل (قذف له جريده) خد شوف السنيوره كاتبه عنك ايه

لم يهتم نور بـ تلك الجريده او بما تحويه او بما كتبته يسرا عنه ، هو الان مشغول بـ امر يسرا كثيراً

نور : فكها وسيبها تروح وانا هعملك كل اللى انت عاوزه
رمزى : هتكمل شغل 
نور : ماشي موافق

اخرج رمزى ورقتين من بين مجموعه اوراق على مكتبه واعطاهما الى نور

نور : ايه ده ؟
رمزى : اقراهم وانت تعرف
نور : انت اتجننت ، عايزني امضيلك على عقد احتكار وشيك على بياض
رمزى : بالظبط ، عشان اضمن انك فعلاً هتكمل شغل معايا
نور : تبقى اتجننت فعلاً
رمزى : انت اللى اتجننت ، صدقني انا ممكن اغتصبها قدامك وبعدين اخلص عليها واخلص عليك ، انا معنديش اى استعداد اخسر شغلي ومكانتي اللى وصلت ليها وانت فاهم قصدى كويس اوى
نور : اعقل يا رمزى ، يسرا عندها اهل واكيد دلوقتي بيدوروا عليها وممكن يكونوا بلغوا
رمزى : ولا الجن نفسه يعرف انها عندى
نور : انت كده بتلوى دراعى
رمزى : تحب الويهولك اكتر

وازاح علام نور بعيداً عن يسرا فـ جلس على المقعد المقابل لـ يسرا ، اما رمزى فـ جذب يسرا من المعقد لـ يلقيها على اريكة متواجده في جانب الحجرة وبدأ رمزى في محاوله اغتصابها امام حمدان ، مما جعل حمدان يفقد اعصابه وتهجم بالضرب على علام ولكن دخل الحرس الخاص بـ علام وامسك نور باحكام فـ لم يستطع الحركه اما رمزى ترك يسرا نظراً لـ نزول دم من انفه قام بـ مسحه ثم وجه بصره وكلامه الى حمدان

رمزى : انت بتضربني يا نور عشان البت دى !! للدرجه دي فارقه معاك ، فوق دي عملالك غسيل مخ هى واللى وراها وشرفى لـ اكون منتقم منك انت وهى
نور : سيبها يا رمزى ، ملهاش اى علاقه في اللى بينا صدقني ، خرجها من حسابتنا ، خليها بيني وبينك

لم يعير علام كلام حمدان اى اهتمام ولكنه اخبر الحرس الا يفلت منهما نور لاي سبب وحاول علام مره اخرى اغتصاب يسرا التى كادت ان تموت خوفاً ، تصبب العرق من جسد نور ، برزت عروقه من وجهه وعنقه ، حاول تخليص نفسه من الحرس الممسك به ولكن دون جدوى لذلك صرخ صرخه مدويه اهتز لها كل مَن في الحجره وربما مَن هم خارجها ، صرخ قائلاً "سيبها يا رمزى وانا موافق على كل شروطك وهمضيلك على اللى انت عاوزه" ، تركها علام وهو يبتسم ابتسامه الفائز بالمعركه
وبالفعل قام حمدان بالامضاء على عقد الاحتكار والشيك واخذ يسرا وغادر الڤيلا
لم تستطع يسرا ان تمشي من شده التعب والخوف ، كان جسدها يرتعش بشدة ، لذلك قام نور بمساعدتها حتى تصل الى سيارتها ولكن اغشى عليها في الحال ، فـ قام حمدان بـ حملها ووضعها في سيارته واخذها الى المشفى
__**__**__
كان تسرب البول من مثانه فهد وعدم تحكمه بـ امساك الاشياء يسبب له القلق لذلك قرر ان يذهب الى احد اطباء المخ والاعصاب وطلب منه الطبيب بعض الاشاعات والتحاليل واليوم اخذها فهد وعاد اليه مره اخرى ، كل هذا بدون علم احد من عائلته

الطبيب : انت بتشرب مخدرات يا فهد صح ؟
فهد : يعنى
الطبيب : لا مش يعنى ، انت بتشرب بنسبه كبيره جداً
فهد : هو ايه علاقة ده بـ ده ؟
الطبيب : انت مفكرتش تتعالج ؟
فهد : انا دخلت مصحه اكتر من مره وكنت بهرب منها
الطبيب : بتهيألى اللى حصل ده هيخليك متهربش تانى
فهد : مش فاهم يا دكتور ، هو ايه اللى حصل ، انا عندى ايه ؟
الطبيب : تعاطيك للمخدرات اثر على اعصابك بـ شكل غير طبيعي ، مركز المخ المسئول عن التحكم والسيطره بدأ يحصله  ضمور بسبب المخدرات ، الضمور ده خلاك مش عارف تتحكم فى اى شئ حتى دخولك الحمام
فهد مذهولاً : ايه !! ضمور !!
الطبيب : انا هطمنك واقولك ان في علاج اي نعم العلاج بطئ شويه بس على الاقل فيه ولكن لو فضلت تتعاطى المخدرات دى صدقني الموضوع هيبقي اصعب واصعب
فهد : اصعب من كده ؟
الطبيب : ايوة اصعب من كده ، الاصعب ان ممكن الضمور ده يبقي ضمور كامل وكلى يعني مش هتقدر تتحكم في حركتك ، يعنى ممكن تصاب بالشلل الحركى او الشلل الدماغي ، يعني ممكن من غير الضمور ده يحصلك سكته قلبيه او سكته دماغيه بسبب جرعه زايده ، يعني ممكن ......
فهد مقاطعاً : انا مش قادر ابطل ، انا اضعف من انى ابطل
الطبيب : لو مبطلتهاش بمزاجك هتبطلها غصب عنك ، وغصب عنك ده مش معناه انك هتتعالج عافيه
فهد مترقباً : امال معناه ايه ؟
الطبيب : معناه انك هتوصل لـ مرحله ان الجرعه مهما كانت قويه مش هتأثر فيك ، مش هتوصلك للنشوى اللى انت بتتعاطي عشانها ، مش هتنسيك همومك ، ساعتها هتطلب بنفسك ويمكن تتوسل لـ اللى حواليك انهم يعالجوك بس ممكن يكون فات الاوان ، ممكن تكون انت ساعتها فى عداد الموتى

لم يعرف فهد ماذا يقول لـ الطبيب ، فـ هو لم يتوقع اطلاقاً ان ينحدر به الحال الى هذه المرحله ، لم يتوقع انه فى يوماً من الايام سـ يصبح غير قادراً على التحكم بـ ابسط الاشياء .. التحكم فى مثانته ، فـ فهد الان كـ طفل عمره عام واحد فقط 
شعر الطبيب بـ ضعف فهد ، شعر بـ انهياره الداخلى ، شعر ايضاً بـ ندمه الشديد ، رأي الدموع المحبوسه في عينيه ، قام الطبيب من مقعده وجلس على مقعد مقابل لـ مقعد فهد

الطبيب : انا هعاملك كـ ابن ، هقف جنبك وهساعدك ، بس ارجوك ، اتوسل اليك انت كمان ساعدنى وساعد نفسك
فهد : ازاي ؟
الطبيب : بـ انك تعمل اللي اقولك عليه ، تنتظم على علاج الاعصاب وعلى متابعه الطبيب النفسى وانك تروح مركز لـ علاج الادمان
فهد باستغراب : طبيب نفسى ؟
الطبيب : ايوه ، انت لازم تروح لـ دكتور نفسى يحللك كل عقدك النفسيه ، يدور في اللاوعى بتاعك ، والمصحه عشان تتخلص من المخدرات اللى فى دمك ، وانا مش عايز منك اى مقابل ، انا متكلف بـ كل مصاريفك بتاعه الكشف او الادويه
زاد استغراب فهد وتسائل : وايه المقابل ؟
الطبيب : انك تلحق نفسك وتتعالج
فهد : وانت ليه عايز تساعدنى كده ؟ انت متعرفنيش
الطبيب بصوتٍ متحشرج ومخنوق : عشان متبقاش زي ابنى ، ابنى اللى لما جيت اساعده كان الوقت اتأخر اوى ، كان وصل لـ مراحل منتهيه ومات
تملكت الصدمه من فهد : مات !! 
الطبيب متأثراً : من الادمان ، من المخدرات ، المخدرات اللى كل يوم قتلت فيه عضو من اعضاء جسمه ، وصل بيه الحال ان اجهزه جسمه كلها اصيبت بـ نزيف داخلى بسبب جرعه هيروين زايده
فهد : هيروين !!
الطبيب : موافق انك تتعالج
فهد : نفسى اقدر
الطبيب : حاول على الاقل

وعد فهد الطبيب ان يحاول وان يلتزم بـ جميع التعليمات التى املاها عليه الطبيب ، ترك العياده وبدأ فى نزول الدرج ولكنه لم يستطع بسبب انهياره النفسى ، جلس على الدرج وانهار في البكاء ندماً على ما اوصل نفسه اليه
تذكر محاولات ابيه فى ان يُعالج ، تذكر قهر والدته عليه ، تذكر وجع زهرة ، تذكر شبابه الذى افناه فى المخدرات ، تذكر انه الان شاب في الواحد والعشرين من عمره اصيب بـ ضمور في المخ ، تذكر انه رجل بالغ راشد لا يستطيع ان يتحكم بـ اى شئ ، بكى فهد ندماً ، كاد الندم ان يقتله اسرع من المخدرات
__**__**__
كان عمر في منزل جين ، كعادته ان اراد ان يهرب من مشاكله وآلامه يهرب لدى جين ، يختبأ من عالمه في عالمها ، كان بـ مجرد جلوسه معها ينسي كل شئ واى شخص ، الا يسرا ولكنه بدأ فى نسيانها شيئاً فـ شيئاً فقط عندما يكون مع جين
كالعاده كان يتمدد عمر ورأسه على قدم جين وتمرر هي اصابعها بين خصلات شعره

جين : مالك ؟
عمر : مالى ازاي ؟
جين : حساك مضايق
عمر : تصدقي عمرى ما كنت مضايق وانا معاكى
جين : بس بتسرح كتير ، بتفكر اكتر 
عمر (وقد نظر اليها) : لو انتِ شايفه كده تبقى غلطانه ، انا معاكى بنسي الدنيا ، بهرب منها اساساً عندك ، بنسي الحزن والضيق والقرف كله
جين : وبتنسي يسرا ؟
عمر مازحاً : يسرا مين ؟
جين : بطل استعباط
عمر بابتسامته الساحره التى تطلق العنان الى "غمازاته" : انجليزيه وبتقول استعباط ، الانجليز اتغيروا خالص (وقد اعتدل في جلسته)
جين : بتكلم بجد 
عمر : الفكره مش انى نسيتها ، الفكره فى انك مش سيبانى انساها
جين : مش فاهمه !!
عمر : يعني من يوم ما عرفتك وحكيتلك موضوع يسرا وانتِ مبيعديش يوم من غير ما تجيبي سيرتها ، مش مدياني فرصه مفكرش فيها حتي وانا معاكى بصراحه انتِ ورثتي اسوأ شئ في المصريين
جين : ايه هو بقى ؟
عمر : اللت والعجن الكتير في المواضيع اللى شغلاهم
جين باستغراب : لت وعجن !!
عمر مازحاً : ههههه ، اهو لو كنتى فهمتي دى كنت اتأكدت انك مش انجليزيه

ونهض عمر من جوار جين وقام بـ تشغيل موسيقي هادئه ونظر الى جين بـ حنانٍ بالغ وقال لها "ترقصى" ، مالت جين بـ رأسها دلاله منها على الايجاب ونهضت هي الاخرى لـ ترقص مع عمر او لـ تختبأ في حضنه
تمايلا وتراقصا سوياً ، شعرا وان قدمهما ليست على الارض بل في السماء ، شعرا وان الدنيا تغني وترقص من حولهما ، لاول مره حقاً يرى عمر جين بـ ملامحها الانجليزيه الساحره ، بـ جسدها الممشوق ، بـ نظراتها الفاتنه ، بـ شخصيتها المختلفه ،  هو الان يراها لا يرى فيها يسرا كـ السابق ، نعم هو الان يرى عيني جين الزرقاوتين وكأنه يراهما لأول مره ، يرى خصلات شعرها الشقراء كأنها المره الاولى التى يراها فيها ، رأي ابتسامتها ، شعر همساتها ، لمساتها ، انفاسها ، كل هذا كأنها اول مره يرى فيها جين
كانت جين سعيده جداً بـ نظرات عمر لها ، كانت نظرات صادقه ، كانت تشعر لاول مره انها تمتلك عمر ، هى الان تشعر وان عمر ملكاً وحقاً لها وحدها ، لانها الان بين يديه ، تختبأ فى حضنه ، يراها ويشعر بها ، هو الان لها وحدها
ولكن لان الراحه لم تخلق في الدنيا رغم ان الناس يسعوا عمراً بأكمله بحثاً عن الراحه رغم انها خُلقت فقط في الجنه
ولان لا يوجد سعاده دائمه مهما كانت قوتها وحقيقتها 
ولان يسرا اقسمت الى عمر في السابق انها سوف تبقى دائماً وابداً بينه وبين اى فتاه اخرى يعرفها ، فـ ان لم تكن موجوده بـ جسدها سـ تكون موجوده في عقله وقلبه وخيالاته وذكرياته ، وان لم تكن كذلك سـ تكون هي حاضره بـ روحها حوله
جاء اتصال هاتفى الى عمر ، جعله يخرج من تلك الاجواء التى وصل اليها بصعوبه شديده مع جين لانه لاول مره يتخلص من تمكن يسرا منه
كان المتصل مسجلاً على هاتف عمر بـ الانجليزيه بـ اسم معناه "جدة يسرا" ، استغرب عمر بـ شده فـ يسرا منذ ان عرفت عمر لا تهاتفه من هاتف احداً ، هى فقط كانت تهاتف جدتها من هاتف عمر كى تطمأنها اذا تأخرت معه ولذلك سجله عمر على هاتفه
شك عمر ان يسرا تتصل به من هاتف جدتها كى يرد عليها ولكنه قرر ان يرد ، رد عمر وهو مرتبك بعض الشئ 

عمر : الو
زينب : سلام عليكم
عمر : وعليكم السلام
زينب : لو سمحت ، مش ده موبايل ياسمين صاحبه يسرا الراوى
عمر : اه هو
زينب : طيب ممكن اكلمها ؟
عمر مرتبكاً : هى نايمه ، انا اخوها ، في حاجه ابلغهالها
زينب : ممكن بس تسألها ضروري اخر مره شافت فيها يسرا او كلمتها امتى ؟
عمر : هو في حاجه ولا ايه ؟
زينب : اه يا ابنى ، يسرا مختفيه من امبارح الصبح ، منعرفش عنها حاجه لا رجعت ولا اتصلت ، ياريت تسأل اختك عنها
عمر محاولاً السيطرة على نفسه : لا هى اختى مشفتهاش لانها بقالها فتره بره القاهره ولسه راجعه النهارده الصبح
زينب : طيب يا ابنى متشكره
عمر : طيب لو سمحتى ، انتوا مبلغتوش
زينب : احنا كنا مستنين يمكن ترجع بس باباها نزل يبلغ
عمر : ياريت لما ترجع بالسلامه تطمنونا عليها
زينب : ان شاء الله

اغلقا الهاتف سوياً ، انهار عمر تماماً ، تحكم الشيطان بـ خيالاته ، جلس على اقرب مقعد وظل يكرر هامساً "يعنى ايه !! يسرا ضاعت ؟ خلاص كده راحت منى"
افاق عمر سريعاً من صدمته واخذ مفاتيح سيارته وحاويه نقوده واعتذر الى جين وغادر منزلها سريعاً قاصداً منزل نور حمدان ولكنه لم يجده ولم يجيبه احداً من الحرس المتواجد خارج الڤيلا اجابه واضحه
ترك عمر ڤيلا حمدان واتجه الى احد اقسام الشرطه حيث ان ضابط المباحث صديق شخصي الى عمر والذى اخذ منه جميع بيانات يسرا ومواصفاتها ووعده انه سيبذل قصارى جهده في ايجادها
صف عمر سيارته على جانب الطريق لانه لم يعد قادراً على التحكم في القياده
لم يعرف لماذا بكى ؟ هل لانه يشعر انه السبب فيما حدث الى يسرا ؟ ام لانه تركها وهو يعلم احتياجها له ؟ ام لانه لا يتوقع ان يحدث مكروهاً لـ يسرا ؟ لا يتخيل انه فى يومٍ من الايام سـ يستيقظ لـ يجد يسرا ليست موجوده 
نعم هو ليس معها الان ولكنه يراقبها من بعيد ، يتابع كل اخبارها ، يتتبعها كثيراً ، يعلم انه في يومٍ ما سيكون معها مره اخرى ، فـ مهما حدث بينهما لا توجد حياه بدونها ، هو فقط كان ينتظر ان تعود يسرا الى صوابها ، ان تتأكد ان ما قاله لها هو الصواب وان افعالها هى الخاطئه ، طال انفصالهما ولكنه كان على يقين انهما سـ يعودان قريباً حتى وان طال الانفصال
كان العالم يضيق بشدة حول عمر ، كانت الروئيه بالنسبه له ضباب ، شعر فجأه ان العالم فارغ من حوله
انهك الانفصال الاصغر عمر ولكن الانفصال الاكبر سـ يقضى عليه 
الانفصال الاصغر كان باختياره
اما الانفصال الاكبر فُرض عليه
الانفصال الاصغر كان مستعداً له لانه يعلم ان يسرا بخير
اما الانفصال الاكبر غير مستعد له على الاطلاق لانه خطف يسرا على غفله
وجع والم وقهر وحسره وبكاء تملك من عمر
__**__**__
بـ مجرد ان نُقلت يسرا الى المشفى بـ واسطه نور حمدان قام الطبيب المختص بـ فحصها وعلى اثر هذا الفحص حُجزت يسرا في العنايه الفائقه لانها اصيبت بـ انهيار عصبى وهبوط حاد في الدوره الدمويه ادى الى اصابتها بـ اغماء تام ، ايضاً هناك سبباً نفسياً جعل يسرا تغيب عن الوعى وكان ذلك السبب هو الخوف الشديد الذى جعلها تهرب من العالم ، كذلك الخوف كان عائقاً لـ تدفق الدم من قلبها الى باقى اعضاء جسدها جيداً
كان حمدان قلق عليها جداً ، كان يشعر وانه السبب فيما حدث لها ، كان يود ان يقتل رمزى علام الذى اقحمها عنوة فيما بينهما 
لم يكن يعرف حمدان انه عاشقاً لـ يسرا الى هذا الحد ، فـ ربما لو كانت فتاه غيرها لـ كان سمح الى رمزى ان يغتصبها بل وربما كان ساعده على ذلك ولكنه لم يتحمل مجرد اقتراب علام لها ، لم يتحمل ان يرى ضعفها ، ذلها ، خوفها ودموعها ، كان قلبه متشرطاً من شده المه عندما رآها
تذكر حمدان عائله يسرا التى بالتأكيد قلقه جداً على يسرا الان ، لم يعرف ماذا يفعل ولكن جائته فكره وهي ان يعطى رقم هاتف احداً من عائلتها الى استقبال المشفى كى يتصلا بهما ، قام حمدان بـ تفتيش حقيبه يد يسرا لـ يجد الهاتف فيها ولكنه مغلقاً نظراً لـ ضعف البطاريه ، وجد ايضاً داخل الحقيبه شاحن الهاتف قام بتوصيله ثم فتحه لـ يجده مغلقاً بـ بصمه اليد ، ذهب الى الطبيب وطلب منه ان يقوم بـ وضع اصبع يسرا على الهاتف كى يُفتح حتي يحصل على رقم احداً من عائلتها وبالفعل قام الطبيب بذلك حتي فتح قفل الهاتف ، اخرج حمدان رقم والد يسرا واعطاه الى الاستقبال والذى بدوره هاتفه واخبره ان ابنته ترقد في المشفى

لم يعرف كيف وصل قاسم الراوى ووالدته الى المشفى ، لم يكن يستوعب ان ابنته ترقد في العنايه الفائقه ، شعر بـ انه المُذنب 
وصلا الى المشفى وقابلا الطبيب المسئول عن يسرا

قاسم : يسرا بنتي مالها يا دكتور
الطبيب : هى عندها انهيار عصبي حاد خدتله حقنه مهدأه وعندها هبوط حاد في الدوره الدمويه
قاسم : وده من ايه ؟ كل ده حصلها من ايه ؟
الطبيب : مفيش سبب معروف حتى اغمائها اسبابه نفسيه اكتر من انها عضويه ، حتي الاستاذ اللى جابها مفدناش بـ اى حاجه
قاسم : استاذ مين ؟
الطبيب : مش عارف والله ، حضرتك ممكن تلاقى بياناته فى الاستقبال
قاسم : تمام ، طيب هي كويسه ؟
الطبيب : متقلقش هي بخير 
قاسم : طيب هي في العنايه المركزه ليه ؟
الطبيب : لانها في حاله اغماء تام ، لازم اعضائها تفضل متصله بالاجهزه لانها لما جت كان تقريباً النبض هيقف بس اطمن هي بقت كويسه
قاسم : متشكر

ذهب قاسم الى استقبال المشفي لـ يقوم بـ دفع الحساب ويسأل عن ذلك الشخص الذى اتى بـ ابنته الى هنا

موظف الاستقبال : الحساب مدفوع يا افندم
قاسم باستغراب : مدفوع !! مين دفعه ؟
موظف الاستقبال : الاستاذ اللى جاب الانسه للمستشفى هنا
قاسم : استاذ مين ؟
موظف الاستقبال وهو ينظر الى شاشه الحاسوب : اسمه نور حمدان
قاسم متسائلاً في همس : مين نور حمدان ده !! (موجهاً كلامه الى موظف الاستقبال) مفيش اي بيانات تانيه عنه ؟
موظف الاستقبال : اه ، الرقم القومى ورقم موبايله
قاسم : طيب لو سمحت اكتبهملى
موظف الاستقبال : حاضر يا افندم
قاسم محدثاً ذاته : نور حمدان !! الاسم ده مش غريب عليا ، انا حاسس اني سمعته قبل كده !!
__**__**__
كانت كاميليا توفيق خارج المنزل بعدما اخبرت ابنها انها ستبقى اليوم مع اخيها وعائلته ، عادت ليلاً ودخلت الى شقتها لـ تجدها مظلمه ، اضاءت الانوار لـ تجد عمر ومى جالسين على مقعدين مجاورين وملثمين يقفا خلفهما  يصوبان الاسلحه الناريه على رأسهما بعدما قاما بـ ربطهما في المقاعد التى يجلسان عليها
صرخت كاميليا ولكن اشار لها احد الملثمين الا تحدث صوتاً وقال لها " صوتك لو على هـ نخلص عليهم" ، صمتت كاميليا وانهمرت الدموع من عينيها واشار لها احدهما ان تجلس

كاميليا بصوتٍ مرتعش : انتوا مين وعايزين من ولادى ايه ؟
احدهما : احنا مش عايزين من ولادك حاجه ، عايزين منك انتِ
كاميليا : لو عايزين فلوس او دهب  اجيبلكم كل اللى املكه بس سيبونا من غير ما تأذونا
الملثم : متخافيش ، احنا مش هنأذيكى ، احنا هنأذيهم هما 
كاميليا : ليه ، هما عملوا ايه ، خدوا كل اللي نملكه بس سيبونا واحنا مش هنبلغ عنكم صدقوني وسيبوا ولادى او خدونى انا مكانهم ، دول لسه صغيرين
الملثم : واضح انك مش قاريه الموقف صح 
كاميليا : موقف ايه ؟
الملثم : احنا مبوعتينلك من حد غالى عليكى ، باعتنا نخيرك بين ده (واشار الى عمر) او دى (واشار الى مى)
كاميليا : يعنى ايه ؟
الملثم : يعنى نقتل واحد منهم وده اللى انتِ هتختاريه
كاميليا : اختار بينهم ازاي ؟ مقدرش استغنى عن حد فيهم ، اقتلونى انا وسيبوهم يعيشوا ، مالحقوش يفرحوا بـ شبابهم
الملثم : انا عليا تنفيذ الاوامر ، هتختارى مين ؟
كاميليا بـ بكاءٍ شديد "مش هعرف اختار ، مش هقدر" 

حقاً ، كيف لـ انسان ان يختار بين ان تُسلب روحه او ينتزع قلبه من جسده ، اختيار صعب جداً بين عذابين ، كلاً منهما مؤلم
نعم ، كاميليا لا تستطيع الاختيار بين ابنها ، فلذه كبدها وبين اقرب فتاه لـ قلبها والتى كانت تلقبها دائماً بـ "إبنة قلبى" 
صوب الملثمين اسلحتهما نحو رأسي عمر ومى
كانت مى تبكى بحرقه شديده ، كانت خائفه بشده ، خائفه على نفسها وعلى عمر وعلى كاميليا ، كانت خائفه ايضاً ان تختار كاميليا الا يقتل عمر وكانت تخشى ايضاً ان يُقتل عمر
اما عمر لم يكف عن المقاومه منذ تلك اللحظه التى عاد فيها الى المنزل لـ يجد هذان الملثمان يحاولان  تقييد مى ، من شده قوة عمر قام احدهما بـ ضربه على رأسه بـ مؤخره السلاح لـ ينزف عمر ويغشي عليه
نظرت كاميليا الى عيني عمر ومى ، لا تعرف مَن تختار ، بـ مَن سوف تضحى ، كانت عيني عمر تقول لها "ضحى بى" اما عينى مى تتوسل اليها "الا تضحى بها والا تضحي بـ عمر" ، نظرت بـ عينيها الدامعه ، المنهارة ، المشتته اليهما ، تنهدت بألم كاد ان يشق صدرها ، شعرت وان الدم تجمد في عروقها ، شعرت وان قلبها توقف ، اغمضت عينيها وتخيلت حياتها بدون عمر ، قال عقلها لها "حياة بدون عمر !! وهل هناك حياة بدونه ؟ هل ينبض قلبك فى غيابه !!" وتخيلت ايضاً حياتها بدون مى ، خاطبها عقلها قائلاً "مى !! ابنه قلبك ، اختك وصديقتك وكاتمه اسرارك ، هل هناك حياة بدونها !!"
قطع خيالاتها صوت احد الملثمين قائلاً "واضح ان الاختيار صعب اوى عليكى ، هريحك واختار انا" ، ثم قام بالضغط على الزناد لـ تخرج رصاصة من سلاحه وتصرخ كاميليا بكل قوتها ....

#تابعونا
#مَن_أكون
#آلاء_الشريفى

0 التعليقات :

إرسال تعليق